"هذه
ستكون المرة الأخيرة التي أتدخل فيها وأخرجك من شجار متعلق بها", قالها
"جون" وهو يفتح باب سيارته ليمد يده ويخرج "آدم" الثمل من
داخلها . مبعداً يد وواضعاً أخرى على وسط "آدم" بقيّ
"جون يتوعد" ويتعهد بعدم تدخله
فيما يخص "آدم" و " لوليتا" مجدداً ذلك أنه كان قد أمضى
الأشهر الست الأخيرة وهو يقنعه بتركها
ونسيان أمرها.
تعود بداية معرفة "جون" بـ"لوليتا " قبل ست أشهر حين إتصل "آدم" بـ"جون" في منتصف الليل من مخفر الشرطة طالباً منه أن يحضر ليدفع كفالته بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه في شجار كان قد بدأه في حانة صغيرة في أطراف المدينة.
يظن "جون" أن "آدم" مخطئ ولكنه حقيقةً لم يكن قد فهم الرابط بين "آدم" والحانة الصغيرة التي قصدها تلك الليلة ذلك أنه و رغم صداقتهما القوية لم ينتبه "جون" لغرابة الأمر, ذلك أن "آدم" لا يرتاد ذاك النوع من الحانات الحقيرة ولا يفتعل شجارات مع آخرين غرباء عنه لا يعرفهم, في الحقيقة هو لا يفتعل شجارات مع أي كان ولكن تلك الليلة كانت مختلفة وفي طريق عودة "جون" لمنزله بعد يوم عمل طويل كالعادة كان قد توقف في إشارة مرور ملتفاً إلى يساره لينتبه لتلك الجميلة الجالسة في المقعد الأمامي قرب سائق يبدو أنه والدها ذلك أنه يكبرها سناً بكثير, إبتسمت الجميلة في غنج وفي اللحظة التي تدافعت الأفكار في رأس "آدم" ليرد الإبتسامة إنطلقت الإشارة و رحلت مع رحيل السيارة التي كانت تستقلها تلك الجميلة إبتسامتها التي نسيّ أن يردها.
مرت أيام طويلة نسي فيها "آدم" أمر تلك الجميلة وأمر تلك الإبتسامة, نسي الأمر تماماً قبل يصادف ذات الجميلة في أحد صباحات سبتمبر, قابلها وكاد ألا يتعرف عليها شاهدها متكومة على طرف الرصيف, ذات الطريق الفرعي الذي كان قد رآها فيه من قبل شاهدها تبكي وتتلوى على الأرض, ضغط على الفرامل بقوة و أوقف سيارته على الطريق قافزاً منها صوب ذلك الجسد المرمي على الأرض والظاهر منه جل مفاتنه .
تعود بداية معرفة "جون" بـ"لوليتا " قبل ست أشهر حين إتصل "آدم" بـ"جون" في منتصف الليل من مخفر الشرطة طالباً منه أن يحضر ليدفع كفالته بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه في شجار كان قد بدأه في حانة صغيرة في أطراف المدينة.
يظن "جون" أن "آدم" مخطئ ولكنه حقيقةً لم يكن قد فهم الرابط بين "آدم" والحانة الصغيرة التي قصدها تلك الليلة ذلك أنه و رغم صداقتهما القوية لم ينتبه "جون" لغرابة الأمر, ذلك أن "آدم" لا يرتاد ذاك النوع من الحانات الحقيرة ولا يفتعل شجارات مع آخرين غرباء عنه لا يعرفهم, في الحقيقة هو لا يفتعل شجارات مع أي كان ولكن تلك الليلة كانت مختلفة وفي طريق عودة "جون" لمنزله بعد يوم عمل طويل كالعادة كان قد توقف في إشارة مرور ملتفاً إلى يساره لينتبه لتلك الجميلة الجالسة في المقعد الأمامي قرب سائق يبدو أنه والدها ذلك أنه يكبرها سناً بكثير, إبتسمت الجميلة في غنج وفي اللحظة التي تدافعت الأفكار في رأس "آدم" ليرد الإبتسامة إنطلقت الإشارة و رحلت مع رحيل السيارة التي كانت تستقلها تلك الجميلة إبتسامتها التي نسيّ أن يردها.
مرت أيام طويلة نسي فيها "آدم" أمر تلك الجميلة وأمر تلك الإبتسامة, نسي الأمر تماماً قبل يصادف ذات الجميلة في أحد صباحات سبتمبر, قابلها وكاد ألا يتعرف عليها شاهدها متكومة على طرف الرصيف, ذات الطريق الفرعي الذي كان قد رآها فيه من قبل شاهدها تبكي وتتلوى على الأرض, ضغط على الفرامل بقوة و أوقف سيارته على الطريق قافزاً منها صوب ذلك الجسد المرمي على الأرض والظاهر منه جل مفاتنه .
* * *
.
فتح "جون" باب شقة "آدم" وأدخله إليها بهدوء تم رماه على سريره و هو يتمتم مجدداُ, نزع عنه سترته و حذاءه قبل أن يرمي بالغطاء عليه ويحييه مبتعداً قائلاً " علينا أن نتحدث يارفيقي, علينا أن نتحدث بمجرد أن تستفيق بالغد".
مد "آدم" يده ماسحاً على رأس الفتاة المتكومة على الأرض ومحاولاً مساعدتها على الوقوف سائلاً "هل أنتِ بخير", أبعدت يده بقسوة قائلة "إبتعد" ولكنه لم يفعل إستمر بالسؤال وبمحاولة مساعدتها إلى أن وقفت و بدأت تغطي ما أظهره تمزق فستانها بيدها و هي تعرج بحذاء مكسور الكعب متجهة صوب عمارة سكنية لا تبدو على قدر كافِ من الحسن.
تاركاً إليها تذهب دون الإلتفات إليه أراد "آدم" لو فهم ما الذي حصل كيف إنتهى الأمر به هنا هذا الصباح, كيف إنتهى الأمر بهذه الجميلة هنا وفي هذه الوضعية لكنه لم يستطع الإجابة ولم يستطع منع نفسه أيضاً من الركض خلفها وقد كانت بدأت تختفيعن ناظره وهي تصعد سلم ذلك المبني.
* * *
_
"ليلي" أرجوك توقفي, توقفي عن فعل ذلك أنتِ لست مرغمة على فعل شيء لا
تريدينه.
_أنت لا تفهم "آدم" لا تفهم.. أرجوك إرحل هذا يكفي.
_ولكنني أحبك.
_إرحل , أنا لا أحبك, لقد كنت أستغلك وكنت بحاجة لبعض المال ولمكان أسكنه قبل أن أعود لعملي , إرحل.
تبعد يده عن خدها وتتجه صوب الباب وفي عينها دمعة كانت قد أخفتها خلف ذاك الكم الهائل من مواد التجميل التي وضعتها قبل دقائق و "أدم" يرجوها ألا تذهب.
دقائق وسُمع صوت إنطلاق موسيقى صاخبة يتبعها تصفيق وترحيب حار بعودة الراقصة التي أحبها الجميع في هذا المرقص الليلي أصوات كانت تضرب رأس "آدم" كمطارق من حديد أصوات دفعته للركض خارج غرفة ملابسها و الهرع لسيارته, دقائق وجد نفسه فيها فوق جسر المدينة راكناً سيارته على طرف الطريق ومتوقفاً عند حافته باكياً تارة وصارخاً في وجه العدم تارة أخرى.
إنقضت قرابة الساعة قبل أن يقرر أن ينهي هذا البؤس ويتجه للحانة الرخيصة التي تقع تحت شقتها وينتظرها, ينتظر عودتها ولكن مهلاً ... ماذا لو لم تعد هذه الليلة أيضاً, ماذا لو كان عليها أن تغادر مع زبون أو ربما إثنين مع من يدفع أكثر؟, ماذا لو ...ماذا لو ؟!
ولم يذكر "آدم" الكثير من تلك اللية سوى جسده وهو يتهاوى على الأرض بعد أن حاول لكم الرجل الذي فتح الباب لـ"لوليتا" وهي تداعبه مودعة والكثير من الوجع بعد أن إستيقظ صباحا وهو مرمي في غرفته على صوت "جون" صارخاً في محيبه الصوت " إستيقظ أيها الأحمق, إستيقظ أنا في طريقي إليك وعلينا أن نتحدث بجدية هذه المرة".
إسترجع "آدم" ست أشهر منصرمة من عمره, إسترجع فيها الكثير مما إختبره الكثير من الصدف السيئة والجيدة معاً إسترجع إبتسامة واحدة ذات مساء غيرت حياته و غيرته للأبد.
في اللحظة التي همت بفتح باب شقتها سمعت صوت خطوات متجه نحوها وحين أدارت رأسها قالت " أرجوك إرحل, أنا بخير إرحل فحسب" لكنه لم يتوقف ولم يجب بل إستر بالإتجاه نحوها إلى أن بلغها ثم أمسك المفتاح من بين أصابعها وفتح لها الباب, كان ذلك قبل أن تتهاوى ويسقط رأسها على كتف فاقدةً وعيها.
يلعن "آدم" نفسه مراراً كلما تذكر ذاك الصباح ويصرخ دوماً لما لم يرحل, لما لم يرحل.. هكذا ببساطة كما طلبت منه!.. لم يكن ليفعل هو يعرف بأنه لم يكن ليرحل ويتركها هكذا في تلك الحالة, لم يكن ليرحل ببساطة ويترك تلك الإبتسامة خلفه.
* * *
تمر أيام طويلة يرابط فيها "آدم" أمام شقة "ليلي" محاولا بدء حديث معها في حين كانت كل مرة تسكته وتدفع بجسده بعيداً عنها هامسةً "أرجوك.. إرحل.. أنت لن تفهم يوماً .. لن تفهم..".
_حاولي, جربيني.. إمنحيني فرصة.
_ولكنك...
_"توقفي" واضعا يده على فمها بهدوء.
تشيح ببصرها و تفتح باب شقتها و تدلف تاركةً إياه مفتوحاً كدعوة مبطنة له ليدخل.
تجلس بركن الغرفة عند النافذة قائلة "ما الذي تريده مني؟ شكرتك مراراً على موقفك الرجولي معي, شكرتك مراراً على مساعدتك لي ذاك الصباح, لما لا ترحل ببساطة؟
_لا أستطيع.
تلتفت صوبه في إستغراب متسائلة "لا تستطيع؟"
_لا أستطيع, أنا حقيقة لا أعرف ما الذي يجيء بي كل يوم إلى عتبة بابك كل يوم, لا أعرف... هناك شيء ما , شيء ما هنا .
يحرك يده بإتجاه قلبه ويبتسم .
أنا حتى لم أكن أعرف إسمك, ليس قبل أن أسأل جارتك الفظة عنه, "لوليتا" لما لا ....
_"ليلي" .. "ليلي" هو إسمي وليس "لوليتا" وأنا لست كما تعتقد فلما لا تختصر هذا الوجع على كلينا وترحل؟!
_لما لا نخرج لتناول فنجان قهوة ونتحدث قليلاً؟
_أنا متعبة أود النوم قليلاً,, إذهب أرجوك إذهب ولا تعد مجدداً.
_ولكنني ...
_إذهب.
مشيرة إلى الباب أشاحت ببصرها عنه.
يعود "آدم" إلى شقته خائباً كما إعتاد مؤخراً يعود ليجد أن بريده الصوتي ممتلء برسائل من صديقه "جون", "جون" الذي لم يكن ليفارق "آدم" يتصل سائلاً "أين أنت يارجل؟ أنت تخيفني! هل أنت بخير؟!
يتصل به ليطمئنه "ما الأمر يا "جون" لما تتصرف كوالدتي ؟! إنني بخير يا رجل أنا فقط في خضم موضوع سأخبرك عنه قريباً في الوقت المناسب"
ثم يغلق سماعة الهاتف دون أن يمنح "جون" فرصة للرد ويركض بإتجاه الباب وهو يقول " هذه المرة لن تتخلصي مني,لابد أن نتحدث".
تمضي عدة ساعات وهو جالس على درج البناية قبل أن ينتبه لصوت خطوات حذاء نسائي قادم من خلفه و يسمع "أنت هنا؟ ألم ترحل؟!"
_ولكننل لم نتحدث, ولن أرحل قبل أن نتحدث.
_حسناً كما تريد, تعال معي .
تسحبه من يده وتتجه نحو الشارع صائحة "تاكسي" ليتوقف أول تاكسي يمر بهما وسط دهشته, يستقلان التاكسي في صمت قبل أن تكسره محدثة السائق عن العنوان.
_ما الذي يحدث؟
_ألم تقل بأن تريد التحدث؟ صبراً و سنتحدث.
يتوقف التاكسي أمام ملهى ليلي فاخر لا يبدو من واجهته ورجال الحراسة الذين يقفون عليه أن لأي شخص كان إمكانية الدخول لو لم يكن جيبه يزن ضعف وزنه.
توقف وسط دهشته حين إنتبه لـ"ليلي" وهي تنزع عنها ذاك الفرو الجميل الذي كانت تغطي به جزئها العلوي, أزاحته ليطل من تحته كتفيها البارزين في هدوء وجمال واضح.
مدت للسائق نقوذه و سحب "آدم" مجددا من يده ونزلا من التاكسي صوب الملهى "لا تتكلم, سأتصرف أنا"قالتها ثم توجهت صوب الباب وهي تحيي الحراس الواقفين عليه "مرحبا, إنه معي" قبل أن تبتسم وتضغط على يد "آدم" وتسحبه معها إلى الداخل وسط ذهوله ودهشته.
تجلسه على البار مقابلً للمسرح وتهمس في أذنه"لا تتحرك" ثم تختفي الزحام لتنطفئ أضواء المسرح بعد دقائق وسط إنبثاق ضوء خافت مسلط في الطرف ليبدو معه جسد رجل يبدو من خلال مظهره و المايكروفون الذي يحمله أن منشط بسيط يعمل هنا ليسدد أتعاب هذه الحياة, مع إستمرار صوت الصفيق في التعالي يرحب المقدم بالمتواجدين ثم يقو "وهاهي جميلتنا, جميلة الليلة خلف هذا الستار, هاهي الرائعة "لوليتا" مشيرا بيده نحو الستار الذي بدأ يترفع ببطئ كاشفاً عن جسد يتلألئ تحت الضوء, بادءاً بحذاء أسود من الجلد ملتف حول عمود حديدي على مايبدو مستمراً معه ظهور بقية الجسد كلما إرتفعت الستارة لتكشف عن جسد شبع عاري سوى من قطع بسيطة من الجلد الأسود وبعض السلاسل الحديدية التي تزينه وتزين رقبتها .. إنه هي "ليلي".."لوليتا" كما يقولون .
يبلع ريقه كما دهشته في صمت تم يرمي بالكاس الذي كان بين يديه على الأرض و يركض خارجاً وسط صوت الموسيقى وصوت المشاهدين وهم يصرخون ويصفوقن لها, وسط رغبته العارمة في محاولته لمحي صورتها وهي تتلوى على ذلك العمود الحديد وسط نظراتهم وهي تنهش جسدها .
"لوليتا" أو "ليلي" كما ذكر في بطاقتها الشخصية, راقصة تعري في ملهى ليلي فاخر, إعتادت مشاركة ليلتها مع من يدفع أكثر, لم يكن يهم العمر أو الشكل أو مدى فوح الرائحة النتنة من أنفاس الزبون مدام سيدفع مبلغاً جيداً.
كل هذا لم يكن "آدم" ليدرك أن حظه السيء سيجلبه له على هيئة إبتسامة صغيرة في إشارة مرور.
* * *
يعود للحانة الحقيرة أسفل بنايتها و يبدأ بالإسراف في الشرب قبل أن يتصل بـ"جون" قائلاً:
_"جون" أنا أحتاجك.
_ما الأمر؟ أين أنت ؟! تبدو ثملاً.
_أنا .. اممم لا أدري أنا هنا عند منزلها .
_من هي ؟
ثم يمرر "آدم" الهاتف للساقي ليصف العنوان لـ"جون" , ولم تكن قد مضت نصف ساعة حتى كان "جون" واقفاً قرب "آدم" .
_هيا بنا, هيا بنا أنت لا تبدو على ما يرام.
_ولكنني لم أكن أعرف يا "جون" لم أكن أعرف.
_حسناً, أنا أيضا لا أعرف عما تتكلم ولكننا سنتحدث في الموضوع عندما نعود إلى المنزل, هيا بنا.
_لا, سأنتظرها, أريد أن أفهم , لماذا تفعل هذا؟ هل للأمر علاقة بالمال؟ سأعطيها ماتريد.. فقط لتترك هذا العمل البشع.
_أوه "آدم" في أي ورطة أوقعت نفسك هذه المرة !
تمضي الليلة سريعاً ولا يذكر "آدم" منها الكثير, لايذكر أكثر من ألم مشاهدة الستارة وهي ترتفع لتكشف عن جسد للبيع عن مزايدة إنسانية لجسد إنسانة نبض قلبه للمرة الأولى بالطريقة الصحيحة حين إبتسمت له ذات مساء.
لم يذكر من ليلته تلك سوى سماعه صوت قلبه يتحطم وسط أضلعه, ذاك الألم الذي لم يعرف مكمنه, ذلك الألم الذي لم يظن أن إمرأة لا يعرف عنها سوى إسمه قد تفعل به كل هذا.
صباحاً يحضر "جون" لشقة "آدم" ويبدأ بفتح الستائر مانحاً أشعة الشمس سبباً وجيها لتتسلل للغرفة
_إستيقظ, هيا.. يجدب أن نتحدث.
_أغلق الستائر أرجوك, أعاني من صداع سيء.
_ما الأمر, ما الذي أوصلك إلى هذه الحالي, أين كنت مختفياً طوال الأسابيع الماضية, لم أعد أسمع منك سوى عن طريق رسائلك الصوتية !
_قصة طويلة, طويلة و غريبة يارفيقي.
_وأنا لن أتزعزع من هنا قبل أن تخبرني.
مرت ساعات و "آدم" يسرد تفاصيل اللقاء الأول و الحديث الأول و يقص على "جون" السبب الذي أوصله لهذه الحال و قبل الإنتهاء ..
قال:
_"جون" .. هناك أمر غريب بها, إنها هنا "مشيراً لقلبه", إنها هنا منذ إبتسمت لي ذاك المساء.
_لا أدري بما أجيبك,, أنت مغرم بفتاة لا تعرف عنها سوى إسمها .. أووه .. وأنها تعمل أيضاً كراقصة تعري ..
حسناً,, لا يبدو الأمر جيداً.
متأكد أنه مجرد إعجاب عابر ستنساه ببساطة, أنت بحاجة لبعض الوقت وبعض الأنشطة لتقوم بها.
_ولكنها كانت تبكي, رأيت تلك النظرة ذاك الصباح وهي على الرصيف و رأيت ذات النظرة في عينيها على المسرح وهي ترقص .
هي لا تريد هذا أنا متأكد.
_أوه يا رفيقي أرجوك توقف عن هذا وعد لمتابعة حياتك هناك عمل ينتظرك وحياة بأكملها تنتظرك.
وإنتهى الحديث بأن باءت كل محاولات "جون" لإخراج "ليلي" من رأس وقلب "آدم" بالفشل لذا وعده بأن يعود معه بالغد لمنزلها و ينتظره بالأسفل فيما يذهب هو لمحادتثها.
لم يكن "آدم" لنتظر للغد لذا إنتظر رحيل"جون" و أرتدى ملابسه ثم إتجه لبنايتها مجدداً, طارقاً الباب, صارخاً "ليلي: إفتحي الباب أرجوك" تعب من الطرق ولكن لم يكن من مجيب.
ركع على قدميه أمام الباب وهو يبكي "لماذا؟" .. سمعها من الخلف "لماذا عدت؟"
_لأنني أفهم.
_لا, أنت لا تفهم.
_أرجوك إمنحيني فرصة واحدة.
فتحت "ليلي" باب شقتها ودعته للدخول هذه المرة بلطف .
كانت الساعة تشير للثانية بعد الظهر و قد إنتبه لحقيقة أنها لازالت ترتدي ذات الفستان الذي إرتدته بالأمس, إنتبهت هي لتأمله ذاك وقالت "أعلم, لم أعد ليلة البارحة للمنزل كنت في عمل, ذاك الذي رايتني معه ذلك المساء زبون, أتدري,, أن أذكرك و أذكر أول لقاء لنا لكنني تمنيت لو لم أفعل, أذكر إرتباكك و أذكر أن ذاك كان أكثر ما شدني إليك.
حين وجدتني على الرصيف كنت مع زبون أيضاً, لكنه من النوع الخشن إنه نرجسي’ لكنه يدفع الكثير, هذا غير مهم في هذا المجال, المهم هو ما تجنيه في الليلة الواحدة وكم سيكفيك.
_توقفي أرجوك.
_لا, ألم تقل أنك فهمت؟ إذا لا بد أنك فهمت أنني أبيع هذا الجسد, وأن الرقص في الملهى ماهو إلا نافذة على من يدفع أكثر وأن...
_ارجوك توقفي, هذا يكفي.
_كما توقعت, أنت لن تحتمل الحقيقة, لما لا تعود لحياتك وتنسى أمري ببساطة, لن تكون أول من يفعل هذا, أسامحك.
_ولكنني ..
_لا تحاول البحث عن أعذار.. أتفهمك.
_ولكنني لن أرحل.
صمت طويل خيم على الأجواء, كانت "ليلي" في تلك الأثناء تنظر بإتجاه الأرض قبل أن يقف "آدم" قربها و يمسك يدها واضعاً إياها على قلبها قائلاً " متأدك أن دواخلك أطهر مدام هذا ينبض".
قالها و أفلت يدها ببطئ ثم إتجه صوب الباب و خرج.
* * *
_ما الأمر ؟ لما تبكين ؟
قالها "آدم" وهي يقتحم الحمام بعد أن خلع بابه ليجد "ليلي" متكومة على أرضيته شبه عارية وجسدها ينتفض من البرد ومن عينيها تمطر الدموع كما لم تفعل يوماً
_أرجوك إرحل, أنا لا استطيع أن أكون ما تريدني لا أستطيع أن أترك العمل, لا أستطيع أن أتصرف كأن مئات الأجساد لم تمر بجسدي, لا هذا الطهر يليق بي ولا دفء قلبك كافٍ لإذابة جمود ما مررت به.
لم تكن لتكمل جملتها الأخيرة إلا وجسد "آدم" يضمها إليه وسط كلماته المهدئة تارة ودمعه تارة أخرى.
إحتضنا و بكيا كثيراً, كلٌ كان يبكي لأمر, كانت تبكي هي على حالها و على ما أوصلته له, وكان هو يبكي على قلبها الصغير المزدحم بكل هذا الألم.
سينتهي هذا الكابوس حبيبتي سننسى كل ماحدث و سنبدأ من جديد, سنبدأ سوياً تلك الحياة التي فاتنا أن نعيشها, سيدفء قلبيّنا برد السنوات التي عشتها طويلاً و أنتِ وحيدة.
مرت ثلاث أشهر على ليلة الملهى, ثلاث أشهر و"ليلي" تقييم بمنزله وقد تركت العمل وقطعت كل علاقاتها بمحيطها السابق, ثلاث أشهر و "آدم" يحاول ترميم روحها المهشمة, ثلاث أشهر كان لا يحادث فيها "جون" إلا قليلاً وسط عتابه الذي كان يدفع"آدم" لإنهاء الحديث معه بسببه.
في الليلة التالية عاد "آدم" لشقته ولكنه هذه المرة لم يجد "ليلي" وكان كل ماوجده رسالة صغيرة على وسادته كتب عليها " أنا لست ما تعتقد أنا سيئة, هذا السرير وهذه الحياة لا تليق بي, سأعود لحياتي التي إعتد, أرجوك دعني وشأني ... لوليتا".
مزقها صارخاً, وهو يعرف يقيناً أنها لا تحب أن يناديها أحد بـ"لوليتا" إنه ما إختراته كإسم لشخصية ترتديها كل ليلة على مضض, كإسم لشخصية تعيشها كل ليلة مكرهة.
مزقها و إتجه راكضاً نحو الملهى دخل وهو يلوح ببطاقة فيزا و محفظته في وجه الحراس, دخل راكضاً لغرفة تبديل ملابسها ليجدها هناك على الكرسي كظل جسد منهك .
_أنت لا تفهم "آدم" لا تفهم.. أرجوك إرحل هذا يكفي.
_ولكنني أحبك.
_إرحل , أنا لا أحبك, لقد كنت أستغلك وكنت بحاجة لبعض المال ولمكان أسكنه قبل أن أعود لعملي , إرحل.
تبعد يده عن خدها وتتجه صوب الباب وفي عينها دمعة كانت قد أخفتها خلف ذاك الكم الهائل من مواد التجميل التي وضعتها قبل دقائق و "أدم" يرجوها ألا تذهب.
دقائق وسُمع صوت إنطلاق موسيقى صاخبة يتبعها تصفيق وترحيب حار بعودة الراقصة التي أحبها الجميع في هذا المرقص الليلي أصوات كانت تضرب رأس "آدم" كمطارق من حديد أصوات دفعته للركض خارج غرفة ملابسها و الهرع لسيارته, دقائق وجد نفسه فيها فوق جسر المدينة راكناً سيارته على طرف الطريق ومتوقفاً عند حافته باكياً تارة وصارخاً في وجه العدم تارة أخرى.
إنقضت قرابة الساعة قبل أن يقرر أن ينهي هذا البؤس ويتجه للحانة الرخيصة التي تقع تحت شقتها وينتظرها, ينتظر عودتها ولكن مهلاً ... ماذا لو لم تعد هذه الليلة أيضاً, ماذا لو كان عليها أن تغادر مع زبون أو ربما إثنين مع من يدفع أكثر؟, ماذا لو ...ماذا لو ؟!
ولم يذكر "آدم" الكثير من تلك اللية سوى جسده وهو يتهاوى على الأرض بعد أن حاول لكم الرجل الذي فتح الباب لـ"لوليتا" وهي تداعبه مودعة والكثير من الوجع بعد أن إستيقظ صباحا وهو مرمي في غرفته على صوت "جون" صارخاً في محيبه الصوت " إستيقظ أيها الأحمق, إستيقظ أنا في طريقي إليك وعلينا أن نتحدث بجدية هذه المرة".
إسترجع "آدم" ست أشهر منصرمة من عمره, إسترجع فيها الكثير مما إختبره الكثير من الصدف السيئة والجيدة معاً إسترجع إبتسامة واحدة ذات مساء غيرت حياته و غيرته للأبد.
في اللحظة التي همت بفتح باب شقتها سمعت صوت خطوات متجه نحوها وحين أدارت رأسها قالت " أرجوك إرحل, أنا بخير إرحل فحسب" لكنه لم يتوقف ولم يجب بل إستر بالإتجاه نحوها إلى أن بلغها ثم أمسك المفتاح من بين أصابعها وفتح لها الباب, كان ذلك قبل أن تتهاوى ويسقط رأسها على كتف فاقدةً وعيها.
يلعن "آدم" نفسه مراراً كلما تذكر ذاك الصباح ويصرخ دوماً لما لم يرحل, لما لم يرحل.. هكذا ببساطة كما طلبت منه!.. لم يكن ليفعل هو يعرف بأنه لم يكن ليرحل ويتركها هكذا في تلك الحالة, لم يكن ليرحل ببساطة ويترك تلك الإبتسامة خلفه.
* * *
تمر أيام طويلة يرابط فيها "آدم" أمام شقة "ليلي" محاولا بدء حديث معها في حين كانت كل مرة تسكته وتدفع بجسده بعيداً عنها هامسةً "أرجوك.. إرحل.. أنت لن تفهم يوماً .. لن تفهم..".
_حاولي, جربيني.. إمنحيني فرصة.
_ولكنك...
_"توقفي" واضعا يده على فمها بهدوء.
تشيح ببصرها و تفتح باب شقتها و تدلف تاركةً إياه مفتوحاً كدعوة مبطنة له ليدخل.
تجلس بركن الغرفة عند النافذة قائلة "ما الذي تريده مني؟ شكرتك مراراً على موقفك الرجولي معي, شكرتك مراراً على مساعدتك لي ذاك الصباح, لما لا ترحل ببساطة؟
_لا أستطيع.
تلتفت صوبه في إستغراب متسائلة "لا تستطيع؟"
_لا أستطيع, أنا حقيقة لا أعرف ما الذي يجيء بي كل يوم إلى عتبة بابك كل يوم, لا أعرف... هناك شيء ما , شيء ما هنا .
يحرك يده بإتجاه قلبه ويبتسم .
أنا حتى لم أكن أعرف إسمك, ليس قبل أن أسأل جارتك الفظة عنه, "لوليتا" لما لا ....
_"ليلي" .. "ليلي" هو إسمي وليس "لوليتا" وأنا لست كما تعتقد فلما لا تختصر هذا الوجع على كلينا وترحل؟!
_لما لا نخرج لتناول فنجان قهوة ونتحدث قليلاً؟
_أنا متعبة أود النوم قليلاً,, إذهب أرجوك إذهب ولا تعد مجدداً.
_ولكنني ...
_إذهب.
مشيرة إلى الباب أشاحت ببصرها عنه.
يعود "آدم" إلى شقته خائباً كما إعتاد مؤخراً يعود ليجد أن بريده الصوتي ممتلء برسائل من صديقه "جون", "جون" الذي لم يكن ليفارق "آدم" يتصل سائلاً "أين أنت يارجل؟ أنت تخيفني! هل أنت بخير؟!
يتصل به ليطمئنه "ما الأمر يا "جون" لما تتصرف كوالدتي ؟! إنني بخير يا رجل أنا فقط في خضم موضوع سأخبرك عنه قريباً في الوقت المناسب"
ثم يغلق سماعة الهاتف دون أن يمنح "جون" فرصة للرد ويركض بإتجاه الباب وهو يقول " هذه المرة لن تتخلصي مني,لابد أن نتحدث".
تمضي عدة ساعات وهو جالس على درج البناية قبل أن ينتبه لصوت خطوات حذاء نسائي قادم من خلفه و يسمع "أنت هنا؟ ألم ترحل؟!"
_ولكننل لم نتحدث, ولن أرحل قبل أن نتحدث.
_حسناً كما تريد, تعال معي .
تسحبه من يده وتتجه نحو الشارع صائحة "تاكسي" ليتوقف أول تاكسي يمر بهما وسط دهشته, يستقلان التاكسي في صمت قبل أن تكسره محدثة السائق عن العنوان.
_ما الذي يحدث؟
_ألم تقل بأن تريد التحدث؟ صبراً و سنتحدث.
يتوقف التاكسي أمام ملهى ليلي فاخر لا يبدو من واجهته ورجال الحراسة الذين يقفون عليه أن لأي شخص كان إمكانية الدخول لو لم يكن جيبه يزن ضعف وزنه.
توقف وسط دهشته حين إنتبه لـ"ليلي" وهي تنزع عنها ذاك الفرو الجميل الذي كانت تغطي به جزئها العلوي, أزاحته ليطل من تحته كتفيها البارزين في هدوء وجمال واضح.
مدت للسائق نقوذه و سحب "آدم" مجددا من يده ونزلا من التاكسي صوب الملهى "لا تتكلم, سأتصرف أنا"قالتها ثم توجهت صوب الباب وهي تحيي الحراس الواقفين عليه "مرحبا, إنه معي" قبل أن تبتسم وتضغط على يد "آدم" وتسحبه معها إلى الداخل وسط ذهوله ودهشته.
تجلسه على البار مقابلً للمسرح وتهمس في أذنه"لا تتحرك" ثم تختفي الزحام لتنطفئ أضواء المسرح بعد دقائق وسط إنبثاق ضوء خافت مسلط في الطرف ليبدو معه جسد رجل يبدو من خلال مظهره و المايكروفون الذي يحمله أن منشط بسيط يعمل هنا ليسدد أتعاب هذه الحياة, مع إستمرار صوت الصفيق في التعالي يرحب المقدم بالمتواجدين ثم يقو "وهاهي جميلتنا, جميلة الليلة خلف هذا الستار, هاهي الرائعة "لوليتا" مشيرا بيده نحو الستار الذي بدأ يترفع ببطئ كاشفاً عن جسد يتلألئ تحت الضوء, بادءاً بحذاء أسود من الجلد ملتف حول عمود حديدي على مايبدو مستمراً معه ظهور بقية الجسد كلما إرتفعت الستارة لتكشف عن جسد شبع عاري سوى من قطع بسيطة من الجلد الأسود وبعض السلاسل الحديدية التي تزينه وتزين رقبتها .. إنه هي "ليلي".."لوليتا" كما يقولون .
يبلع ريقه كما دهشته في صمت تم يرمي بالكاس الذي كان بين يديه على الأرض و يركض خارجاً وسط صوت الموسيقى وصوت المشاهدين وهم يصرخون ويصفوقن لها, وسط رغبته العارمة في محاولته لمحي صورتها وهي تتلوى على ذلك العمود الحديد وسط نظراتهم وهي تنهش جسدها .
"لوليتا" أو "ليلي" كما ذكر في بطاقتها الشخصية, راقصة تعري في ملهى ليلي فاخر, إعتادت مشاركة ليلتها مع من يدفع أكثر, لم يكن يهم العمر أو الشكل أو مدى فوح الرائحة النتنة من أنفاس الزبون مدام سيدفع مبلغاً جيداً.
كل هذا لم يكن "آدم" ليدرك أن حظه السيء سيجلبه له على هيئة إبتسامة صغيرة في إشارة مرور.
* * *
يعود للحانة الحقيرة أسفل بنايتها و يبدأ بالإسراف في الشرب قبل أن يتصل بـ"جون" قائلاً:
_"جون" أنا أحتاجك.
_ما الأمر؟ أين أنت ؟! تبدو ثملاً.
_أنا .. اممم لا أدري أنا هنا عند منزلها .
_من هي ؟
ثم يمرر "آدم" الهاتف للساقي ليصف العنوان لـ"جون" , ولم تكن قد مضت نصف ساعة حتى كان "جون" واقفاً قرب "آدم" .
_هيا بنا, هيا بنا أنت لا تبدو على ما يرام.
_ولكنني لم أكن أعرف يا "جون" لم أكن أعرف.
_حسناً, أنا أيضا لا أعرف عما تتكلم ولكننا سنتحدث في الموضوع عندما نعود إلى المنزل, هيا بنا.
_لا, سأنتظرها, أريد أن أفهم , لماذا تفعل هذا؟ هل للأمر علاقة بالمال؟ سأعطيها ماتريد.. فقط لتترك هذا العمل البشع.
_أوه "آدم" في أي ورطة أوقعت نفسك هذه المرة !
تمضي الليلة سريعاً ولا يذكر "آدم" منها الكثير, لايذكر أكثر من ألم مشاهدة الستارة وهي ترتفع لتكشف عن جسد للبيع عن مزايدة إنسانية لجسد إنسانة نبض قلبه للمرة الأولى بالطريقة الصحيحة حين إبتسمت له ذات مساء.
لم يذكر من ليلته تلك سوى سماعه صوت قلبه يتحطم وسط أضلعه, ذاك الألم الذي لم يعرف مكمنه, ذلك الألم الذي لم يظن أن إمرأة لا يعرف عنها سوى إسمه قد تفعل به كل هذا.
صباحاً يحضر "جون" لشقة "آدم" ويبدأ بفتح الستائر مانحاً أشعة الشمس سبباً وجيها لتتسلل للغرفة
_إستيقظ, هيا.. يجدب أن نتحدث.
_أغلق الستائر أرجوك, أعاني من صداع سيء.
_ما الأمر, ما الذي أوصلك إلى هذه الحالي, أين كنت مختفياً طوال الأسابيع الماضية, لم أعد أسمع منك سوى عن طريق رسائلك الصوتية !
_قصة طويلة, طويلة و غريبة يارفيقي.
_وأنا لن أتزعزع من هنا قبل أن تخبرني.
مرت ساعات و "آدم" يسرد تفاصيل اللقاء الأول و الحديث الأول و يقص على "جون" السبب الذي أوصله لهذه الحال و قبل الإنتهاء ..
قال:
_"جون" .. هناك أمر غريب بها, إنها هنا "مشيراً لقلبه", إنها هنا منذ إبتسمت لي ذاك المساء.
_لا أدري بما أجيبك,, أنت مغرم بفتاة لا تعرف عنها سوى إسمها .. أووه .. وأنها تعمل أيضاً كراقصة تعري ..
حسناً,, لا يبدو الأمر جيداً.
متأكد أنه مجرد إعجاب عابر ستنساه ببساطة, أنت بحاجة لبعض الوقت وبعض الأنشطة لتقوم بها.
_ولكنها كانت تبكي, رأيت تلك النظرة ذاك الصباح وهي على الرصيف و رأيت ذات النظرة في عينيها على المسرح وهي ترقص .
هي لا تريد هذا أنا متأكد.
_أوه يا رفيقي أرجوك توقف عن هذا وعد لمتابعة حياتك هناك عمل ينتظرك وحياة بأكملها تنتظرك.
وإنتهى الحديث بأن باءت كل محاولات "جون" لإخراج "ليلي" من رأس وقلب "آدم" بالفشل لذا وعده بأن يعود معه بالغد لمنزلها و ينتظره بالأسفل فيما يذهب هو لمحادتثها.
لم يكن "آدم" لنتظر للغد لذا إنتظر رحيل"جون" و أرتدى ملابسه ثم إتجه لبنايتها مجدداً, طارقاً الباب, صارخاً "ليلي: إفتحي الباب أرجوك" تعب من الطرق ولكن لم يكن من مجيب.
ركع على قدميه أمام الباب وهو يبكي "لماذا؟" .. سمعها من الخلف "لماذا عدت؟"
_لأنني أفهم.
_لا, أنت لا تفهم.
_أرجوك إمنحيني فرصة واحدة.
فتحت "ليلي" باب شقتها ودعته للدخول هذه المرة بلطف .
كانت الساعة تشير للثانية بعد الظهر و قد إنتبه لحقيقة أنها لازالت ترتدي ذات الفستان الذي إرتدته بالأمس, إنتبهت هي لتأمله ذاك وقالت "أعلم, لم أعد ليلة البارحة للمنزل كنت في عمل, ذاك الذي رايتني معه ذلك المساء زبون, أتدري,, أن أذكرك و أذكر أول لقاء لنا لكنني تمنيت لو لم أفعل, أذكر إرتباكك و أذكر أن ذاك كان أكثر ما شدني إليك.
حين وجدتني على الرصيف كنت مع زبون أيضاً, لكنه من النوع الخشن إنه نرجسي’ لكنه يدفع الكثير, هذا غير مهم في هذا المجال, المهم هو ما تجنيه في الليلة الواحدة وكم سيكفيك.
_توقفي أرجوك.
_لا, ألم تقل أنك فهمت؟ إذا لا بد أنك فهمت أنني أبيع هذا الجسد, وأن الرقص في الملهى ماهو إلا نافذة على من يدفع أكثر وأن...
_ارجوك توقفي, هذا يكفي.
_كما توقعت, أنت لن تحتمل الحقيقة, لما لا تعود لحياتك وتنسى أمري ببساطة, لن تكون أول من يفعل هذا, أسامحك.
_ولكنني ..
_لا تحاول البحث عن أعذار.. أتفهمك.
_ولكنني لن أرحل.
صمت طويل خيم على الأجواء, كانت "ليلي" في تلك الأثناء تنظر بإتجاه الأرض قبل أن يقف "آدم" قربها و يمسك يدها واضعاً إياها على قلبها قائلاً " متأدك أن دواخلك أطهر مدام هذا ينبض".
قالها و أفلت يدها ببطئ ثم إتجه صوب الباب و خرج.
* * *
_ما الأمر ؟ لما تبكين ؟
قالها "آدم" وهي يقتحم الحمام بعد أن خلع بابه ليجد "ليلي" متكومة على أرضيته شبه عارية وجسدها ينتفض من البرد ومن عينيها تمطر الدموع كما لم تفعل يوماً
_أرجوك إرحل, أنا لا استطيع أن أكون ما تريدني لا أستطيع أن أترك العمل, لا أستطيع أن أتصرف كأن مئات الأجساد لم تمر بجسدي, لا هذا الطهر يليق بي ولا دفء قلبك كافٍ لإذابة جمود ما مررت به.
لم تكن لتكمل جملتها الأخيرة إلا وجسد "آدم" يضمها إليه وسط كلماته المهدئة تارة ودمعه تارة أخرى.
إحتضنا و بكيا كثيراً, كلٌ كان يبكي لأمر, كانت تبكي هي على حالها و على ما أوصلته له, وكان هو يبكي على قلبها الصغير المزدحم بكل هذا الألم.
سينتهي هذا الكابوس حبيبتي سننسى كل ماحدث و سنبدأ من جديد, سنبدأ سوياً تلك الحياة التي فاتنا أن نعيشها, سيدفء قلبيّنا برد السنوات التي عشتها طويلاً و أنتِ وحيدة.
مرت ثلاث أشهر على ليلة الملهى, ثلاث أشهر و"ليلي" تقييم بمنزله وقد تركت العمل وقطعت كل علاقاتها بمحيطها السابق, ثلاث أشهر و "آدم" يحاول ترميم روحها المهشمة, ثلاث أشهر كان لا يحادث فيها "جون" إلا قليلاً وسط عتابه الذي كان يدفع"آدم" لإنهاء الحديث معه بسببه.
في الليلة التالية عاد "آدم" لشقته ولكنه هذه المرة لم يجد "ليلي" وكان كل ماوجده رسالة صغيرة على وسادته كتب عليها " أنا لست ما تعتقد أنا سيئة, هذا السرير وهذه الحياة لا تليق بي, سأعود لحياتي التي إعتد, أرجوك دعني وشأني ... لوليتا".
مزقها صارخاً, وهو يعرف يقيناً أنها لا تحب أن يناديها أحد بـ"لوليتا" إنه ما إختراته كإسم لشخصية ترتديها كل ليلة على مضض, كإسم لشخصية تعيشها كل ليلة مكرهة.
مزقها و إتجه راكضاً نحو الملهى دخل وهو يلوح ببطاقة فيزا و محفظته في وجه الحراس, دخل راكضاً لغرفة تبديل ملابسها ليجدها هناك على الكرسي كظل جسد منهك .
_
"ليلي" أرجوك توقفي, توقفي عن فعل ذلك أنتِ لست مرغمة على فعل شيء لا
تريدينه.
_أنت لا تفهم "آدم" لا تفهم.. أرجوك إرحل هذا يكفي.
_ولكنني أحبك.
_إرحل , أنا لا أحبك, لقد كنت أستغلك وكنت بحاجة لبعض المال ولمكان أسكنه قبل أن أعود لعملي , إرحل.
تبعد يده عن خدها وتتجه صوب الباب وفي عينها دمعة كانت قد أخفتها خلف ذاك الكم الهائل من مواد التجميل التي وضعتها قبل دقائق و "أدم" يرجوها ألا تذهب.
دقائق وسُمع صوت إنطلاق موسيقى صاخبة يتبعها تصفيق وترحيب حار بعودة الراقصة التي أحبها الجميع في هذا المرقص الليلي أصوات كانت تضرب رأس "آدم" كمطارق من حديد أصوات دفعته للركض خارج غرفة ملابسها و الهرع لسيارته, دقائق وجد نفسه فيها فوق جسر المدينة راكناً سيارته على طرف الطريق ومتوقفاً عند حافته باكياً تارة وصارخاً في وجه العدم تارة أخرى.
* * *
_أنت لا تفهم "آدم" لا تفهم.. أرجوك إرحل هذا يكفي.
_ولكنني أحبك.
_إرحل , أنا لا أحبك, لقد كنت أستغلك وكنت بحاجة لبعض المال ولمكان أسكنه قبل أن أعود لعملي , إرحل.
تبعد يده عن خدها وتتجه صوب الباب وفي عينها دمعة كانت قد أخفتها خلف ذاك الكم الهائل من مواد التجميل التي وضعتها قبل دقائق و "أدم" يرجوها ألا تذهب.
دقائق وسُمع صوت إنطلاق موسيقى صاخبة يتبعها تصفيق وترحيب حار بعودة الراقصة التي أحبها الجميع في هذا المرقص الليلي أصوات كانت تضرب رأس "آدم" كمطارق من حديد أصوات دفعته للركض خارج غرفة ملابسها و الهرع لسيارته, دقائق وجد نفسه فيها فوق جسر المدينة راكناً سيارته على طرف الطريق ومتوقفاً عند حافته باكياً تارة وصارخاً في وجه العدم تارة أخرى.
* * *
قبل هذا الحدث بساعات و في حين كان "آدم" في عمله زار "جون" "ليلي" وفي يده شيك بمبلغ 10 آلاف دولار وهو يعرض على "ليلي" أن تترك "آدم" أن تخرج من حياته دون عودة.
_"ليلي" .."آدم" شخص طيب وهو لا يستحق مايحدث معه لا يستحق هذا الوجع الذي يعصف به كل لحظة.
_ولكنه قال ..
_أرجوك لا تقاطعيني, أعلم أنك بحاجة للمال و أنه السبب في كل ما أنتِ فيه لذا أنا أعرضه عليك اليوم, أليس هذا مبلغاً كافياً؟ أنتِ حتى لن تجنيه في سنوات من العمل كمومس .
_ولكنني لست مومس .. أنا .. أنا ..
_ فالتخرجي من حياة الرجل, حباً بالله !
* * *
غادرت "لوليتا" لملاقاة جمهورها و غادر "آدم" لإحتضان الطرقات,, مشى هائماً على وجهه طويلاً قبل أن ينتهي به المطاف في ذات الحانة التي لم يكن قد دخلها منذ أخر مرة حضر فيها ليعرف منها إسم "ليلي".
ثمل طويلاً, ثم سرعان ما راح يرمي بالكؤوس على الأرض و يحطم ما يقع عليه بصره و هو يصرخ "لماذا؟ .. لماذا يا "ليلي".
قبل أن يستيقظ في اليوم الثاني في غرفة نومه وفي قربه يرقد "جون" على الكرسي.
مرت ثلاث أشهر, كان "جون" كجليسة أطفال بالنسبة لـ"آدم" كان يخرج ليبحث عنه في الحانات وفي الأماكن المتوقع زيارتها وكان كل مرة يعود لذات الحانة فيجده فيها أحياناً و يجده ملقى على درج البناية أحياناً أخرى, تلك البناية التي مكان لقائهما الأول, تلك البناية التي غادرتها "ليلي" دون عودة مذ رحلت معه.
مرت الأيام ببطئ شديد, ولا خبر واحد عن "لوليتا" "ليلي" , حتى الملهى لم تكن قد عادت له بعد رقصتها الأخيرة.
لا أحد يذكر "لوليتا" ذلك أن صاحب الملهي أحضر الكثيرات غيرها, راقصات جدد في كل ليلة, قصة جديد مع كل واحدة منهن.
لا أحد يذكر من أي قرية أتت ولا من أي عائلة فقيرة أتت, لا أحد يذكر الليال الطويلة التي أمضتها وهي تفترش الطرقات الباردة, لا أحد يذكر إشمئزازها من منظر المومسات اللواتي كن يتواردن على ذلك الشارع ويعرض بضاعتهن بمختلف الأسعار للمارين ولاصحاب السيارات الفارهة, لا أحد يذكر لوليتا و يد الفتاة التي إمتدت لها لتسحبها من تحت الكرتون الذي كانت تغطي به جسدها الجميل, لا أحد يذكر أول مرة قصت فيها ظفائر شعرها لأول مرة وهي تبلغ الثامنة عشر, وهي ترتدي أول فستان قصير يكشف مفاتنها, وهي تنزل لتباشر عملها كرفيقتها في السكن التي رأت فيها ربحاً.
لا أحد يذكر "لوليتا" ولا حتى إذاعات التلفاز, لم تكن قد ذكرت أمر الجتة التي وجدوها أسفل الجسر في شتاء هذا العام, الجثة التي وجدوها متيبسة من البرد ولم يكن يغطي جسدها سوى قطع الكرتون وبضع الملابس البالية, جثة تعود لعشرينية كانت قد أضاعت نفسها من زمن, أضاعت نفسها قبل أن تضيع هويتها التي لم يعرفها أحد. قالوا أن سبب الوفاة هو البرد والجوع .
تلك كانت قصة الراقصة التي ماتت جوعاً.