Sunday, July 15, 2012

هذه ذراعي .. وتلك دمائي يا عنصريين !





 قبل الشروع في الكتابة هذه المرة ... وجب عليّ تحضير ألف إعتذار و إعتذار .
لكني لا أعتذر .. ومن ثمَ فليذهبوا للجحيم بتذكرة  .. من الدرجة الأولى أو ربما من الدرجة الصفر !






كانت الرابعة عصرا و "مكيف " سيارتنا معطل, الحرارة خارجا لا تطاق  و الزحام شديد في هذا المكان, وجوه عابسة و أخرى حزينة و الكثير الكثير من الأوراق و الطوابير حول ذلك الباب الصغير.
و أنا أكره الإنتظار .. خصيصا عندما يخص الأمر أوراقا ومعاملات حكومية, هنا أشعر أني "تؤلول" أتطفل على كيانهم رغم أني فعلا "في حالي".
تقدمت عبر الطوابير .. و أنا عادة لا أحترم قواعد الإنتظار .. فهم رجال و أنا وحدي فتاة.. لن أنتظر !
تقدمت نحو ذلك الباب .. طرقته و دخلت.
الفتاة  جالسة خلف مكتبها و بإبتسامة مستهلكة مدت  يدها نحو لتمسك الأوراق " بديري تحليل للشهادة الصحية ؟" أجبت " ايه"
" خوذي رقم من غادي".. اتجهت للمكان الذي أشارت له و أخدت رقم وعدت أدراجي نحوها.
كان الزحام شديدا شد إنتباهي وجود  ممرضة للنساء وممرض للرجال للقيام بإجراءات التحاليل.

لكن و لشدة الزحام تقدم نحوي رجل  أربعيني  أظنه مجرد موظف ولا يبدو أنه يمت للطب بصلة " وين الإبرة" وجه سؤاله للفتاة الجالسة و أنا أنظر بإستغراب " بيسحبلي هذا و لا شن.. تي كيف كان واقف شاد الأوراق ف الباب !!" أحدث نفسي في ذهول.
و ماهي الا لحظات حتى وجدته امامي يأمرني "هاتي ايدك" !
سحب ذراعي الأيسر نحوه لكني أدرت وجهي للجهة الأخرى .. أكره رؤيتهم يسحبون دمي .. يأخذون مني دمي .. بكل ما فيه مني .. من ذكرياتي,, من أحزاني و كل ما هو ملكي .
لم يكفيهم أن أخذوا مني هويتي و إنتمائي ,, اليوم هم هنا ليأخذوا دمي !
إنتهي الأمر في ثواني .. لكنه كان موجعا .. بحجم الوجع الذي يلازمني من هذا البلد و أهل هذا البلد .. بحجم الكراهية و العنصرية التي  تتنفسني هنا و أختنق بها مراراً.
أنا لا أطالب بشيء.. أنا أنتظر إنتهاء المعاملات الورقية لأسافر.. لكي أسافر وجب تجديد إقامة تواجدي هنا, و لأن إقامتي منتهية الصلاحية و لأنني " أجنبيه" سترضع الخزينة من ثدي جيب أبي, ذلك الرجل الستيني الطيب.
"خليهم يدفعوا شن يبوا حتى هما ببلاش ساد يجونا و ياخدو فلوسنا" تحرشت هذه الكلمات بمسمعي و أنا في طابور أخر من طوابير "الأجانب" في مصلحة الجوازات فرع مصراتة لكني لم أهتم, سمعت ما هو أفظع من ذلك !
كان موجعا, أني ولدت هنا .. وتعلمت المشي فوق هذا التراب و تنفست ذات الهواء, لكني " أجنبية" و سأبقى " أجنبية"
أذكر الكثير .. الكثير من المواقف حيث ترتسم علامات التعجب عندما يصدر تعليق عنصري من شخص أمامي فأرد " حتى أنا مش ليبية" و يتم "ترقيع" الموقف بإبتسامة بليدة لا أحبها !
هنا فقط .. يروون "الأجنبي" إستغلالي, و يطمع في ثروات البلد و قد "يكحل" في نساء البلد و ويل له إن كانت حالته المادية أفضل من ابن البلد !
هنا فقط " العمالة الأجنبية" أقل بشرية منهم, رغم أن  المواطن الليبي السامي لا يستطيع العيش بدون " سباك و نجار و  بناي أجنبي" !
هنا فقط " الأجنبي " يعامل كتؤلول غير مرغوب به وكمخلوق أقل رتبة من ابن البلد.
بإمكاني القول أني أكره هذا المكان كثيرا و أحبه أكثر, أحببتها الثورة ,, كانت تجربة غريبة غيرت الكثير . لكن مالبت الوضع أن عاد للأسوء  إختلف حال الناس هنا عندما إقترب الموت منهم و صار قاب قوس أو أدنى كانوا أكثر ألفة و محبة للغير لكنهم اليوم أسوء مما كانوا عليه قبلا !
أحزن كثيرا لحال هذا الوطن لكن هذا الوطن لا يأبه بي البتة !
وطني .. بالكاد أتعرف عليه ,, لا أحمله سوى بين صفحات جواز سفري .. الوطن الذي أحمله كاكسجين في رئتيّ هو ليبيا ,, لكنني أختنق بعنصريته !

ذراعي خدرة و قطع القطن الطبي تلك غرقت بدمائي, قطع الرجل أفكاري  قائلا " اضغطي عليها كويس" و أنا أهز رأسي بصمت.
كان الوجع في كل مكان .. ذراعي, قلبي, ذاكرتي و الكثير غيرهم.
حملت نفسي و أوراقي و خرجت من الباب متجهة نحو الغرفة المجاورة لإكمال الإجراءات.
ذراعي تؤلمني بشدة و الدماء لا تتوقف أكملت ما تبقى وخرجت مجددا من وسط زحام العمالة " الأجنبية" كانوا أناساً جاؤوا يطلبون لقمة العيش لهم و لأسرهم لكنهم يعاملون كقطعان الخراف !


في الطريق للبيت .. و أنا مرتمية على الكرسي الخلفي للسيارة أضغط على ذراعي الأيسر .. قررت نزع قطعة القطن تلك, لكني دهشت ! .. ما كان يفترض به أن يكون أثر رأس إبرة  كان  شقاً طوليا "حوالي 5 ملم"  صرخت بوجه أخي " هذا علاش ما نحبش نمشي للعيادات و المستشفيات الليبية.. مزطو العِرق وشوهولي ايدي  !!!!! "


25 comments:

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل .......... اكرررررررررره داء العنصريه وامقته

    ReplyDelete
  2. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  3. عجزت عن الإعتذار .. أنا ليبي ولن أعامل حتى مسيحيا كافرا غير عربي إلا بالكلمة الطيبة .. والمعاملة الحسنة فالابتسامة صدقة والدين المعاملة هذا ما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم ..
    أبكيتيني .. السماح يا أختي .. اعتذر نيابة عن جميع الليبيين الطيبيين
    ليتهم يعلمون أنهم إلى قبورهم لن يحملو من هذه الدنيا إلا معاملتهم وكلمتهم الطيبة .. لن يأخذوا مالاً و لا جاهاً ولا نسباً ..
    روي عن رسول الله أن رجل اتقى نفسه في كلب عطش وجده في الصحراء فأسقاه .. فأدخله الله الجنة
    وروي عنه ان امرأة لم تتقي نفسها في قطة كان تعذبها وتحرمها الطعام فدخلت النار ...
    فما الذي سيفعله القوي المتين شديد العقاب بمن لم يتقي نفسه في ابن آدم الذي كرمه عن باقي المخلوقات ..

    سامحينا يا أختي الكريمة .. يشهد الله عليا أني تألمت كثيراً لألمك والأكثر أنه من ابناء بلدي ..

    ReplyDelete
  4. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  5. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
    Replies
    1. ياعزيزتي ...العنصرية موجودة ومتبادلة بين كل العرب عني نفسي كم المني كثيرا ان اري امي المصرية تعامل كاجنبية مع انها ام لاربعة اولاد ليبين ...ولازالت في حكم الغريبة مع انها مقيمة من سنه 1974...ولكن اجد ايضا ان تصوير الاجنبي كشخص برئ مستضعف وبرئ ..هو امر غير واقعي ..كم رايت من اشخاص كانو يسترزقون هنا في ليبيا وكانو يشتمون البلد واصحابها ...عموما ..الحمد لله على السلامة ...جرحك الداخلي بحجم وطن ...جرحك الخارجي بجحم ثقب الابرة ...
      العنصرية في بلدي اصبحت تقليد ...والان اصبح العديدين يمارسون هذا التقليد باحتراف ..فالليبي ايكره من له جنسية اخري بل ويعيره بها ...ويكره ذوي البشرة السمراء ...ويكره من له اصول مع دول الجوار ..ويكره الامازيغي والامازيغي يكره العربي ...والشرقاوي يكره الغرباوي ...والكراهية متبادلة ...نحن شعب نحترف ممارسة العنصرية !

      Delete
  6. أعجبتني كلماتك وصراحتك وطرحك للقضية ..فكان الله فى عونك إن شاء الله

    ReplyDelete
  7. رائعة في كتابتك اولا , لكن لا تبالي العنصرية موجودة حتى بين الليبين انفسهم داء مجتمعي قائم على تفاوت طبقي و كل شخص يحاول تعويض نقصه عن طريق التقليل من قدر الاخرين , اما عن المصالح الحكومية فداء النجرسية متفشي فيها و الاجراءات الادارية لابد ان تعاملي سواء اكنت ليبية او اجنبية على انك اتية لبيت الموظف و تشحتين منه اوراقك ليس على انه حقك او غيرها

    ReplyDelete
  8. اعشق حروفك يا اجنبيه ^___^
    نحن شعب عنصري ولله الحمد و انتي جزء منه فانت اكثر لبييا من كثير من الليبين انتي ترعرعتي علي هذا الترام وتعلمين بان الشعب الليبي هو شعب نزق عنصري سلبي و مهدام لكل ما يحب ولكن يبقي شعب طيب ومحب
    نحن قمه التناقض فلا تحزني حتي في كلامنا تجدين التناقض
    اتمني لو انك تبقين ولا تغادري بلادك ليبيا و تبا لكل من يحاول استنزاف جيب ابيك المهلك فوطنك ابدا لن يكون بخيل عليكي

    ReplyDelete
  9. لا تحزني ، هذا موجود في كل مكان ، وفي النهاية تعبر عن تصرفات شخصية ، رغم ان كلامك منطقي نوعا ما ، هناك تراكم كبير في التصرفات يحتاج وقت حتى يتغير ،

    وانتي في ليبيا ليبية ، ولو وجدتي نماذج سيئة فاعلمي ان هناك نماذج كثير العكس

    ReplyDelete
  10. ونسيت شيئا
    اعتقد هذا موجود حتى مع الليبيين نفسهم

    يعني امور متراكمة
    ولا اعتقد ان الموضوع له علاقة بانك لستي ليبية
    صدقيني

    ReplyDelete
  11. وما حدث لك في الامور الادارية والطبية
    شيء طبيعي

    الامور الادارية فيها خلل كبير من ايام الطاغية
    والقطاع الصحي كارثة

    وهذا مع الليبيين نفسم
    انتي عشتي هنا ، فالمفترض تعرفي هذا
    والكلمات العنصرية مثل اصحابها
    وانا احترم كل اجنبي يشتغل عندنا
    لاننا نحتاجه وهو يحتاجنا
    ومنهم اصحاب وفوق الراس

    نسأل الله الهداية
    وربي يصلح حال بلادنا بعد الثورة وتكون افضل مع الوقت

    ReplyDelete
  12. ربما ما حدث لك جعلت تنسجين هذه الكلمات الجميلة بدمعة في القلب
    والامور الطبية تحدث مع اي شخص ولا اعتقد لها علاقة بالجنسية
    وأمي مثلا حدث لها ما حدث منذ فترة لا بأس بها

    الطب في ليبيا يحتاج تطوير كبير
    وهذا واضح للعيان

    مسألة الامور الادارية وقصصها الحزينة
    والواسطات والتصرفات اللامبالية موجودة في كل مكان
    ولكن في ليبيا هذا شيء متراكم من فترة طويلة

    وأنا ليبي وأكره هذه التصرفات المنتشرة

    والمستغرب في كلامك كأنه يحمل حقدا وكرها لا يصدق !!
    في بلد عشتي فيه
    وكأن كل أناس هذه البلد هم من نفس النوع !
    رغم كلامك الجميل ، أجدك متأثرة بعمرك وبعض الامور الاخرى

    بإمكاني الحكم على المغرب بتصرفات كم شخص يحملون الجنسية المغربية
    ولكن لا أعتقد هذا حكم منطقي

    وأعتقد من سوء حظك ، وقعتي في شخص لا يفهم في الطب وأخذ ابرة من يدك

    موضوع كبير للعلم للنقاش ، الدولة والقوانين والتصرفات واثار عقد القذافي ، امور كثيرة ، صعب نقاشها في كلمات

    نهاية الحمد لله على السلامة ، ولو تبي شيء او اخذ ابرة كلميني
    عندي شخص خبير في هذا وبتجربة مني

    التوقيع / شخص لم تردي عليه في الفيس : )

    ReplyDelete
  13. شدتني كلمة ان هذا الوطن لا يأبه بي
    هناك أناس تهتم بك وتأبه
    والدليل ردود هنا وأصحابك عندك وأناس تحبك من هذا البلد

    يكفي تهويلا للموضوع رغم ما حصل

    ReplyDelete
  14. ولا أدري هل الحقد والكره هذا للبلد كلها ؟ أو للشخص الذي أوصلك إلى ما وصلتي إليه ؟ أم لقوانين البلد ؟ أم للقذافي الذي جعل هذه الامور تتراكم بشكل مهول ؟ أم على بعض الناس رأييهم ؟
    أم لمن ؟ تناسيتي كثير من الامور

    كنت اتمنى ان يكون هناك نقاش معك ، ولكن اعتقد الحقد وصل لدرجة كبيرة ، او ربما مجرد كلمات تنفيسا عما حصل

    تحياتي

    ReplyDelete
  15. ولكل من يقولك الكراهية متبادلة وكل عربي يكره امازيغي والخ الخ

    هذا انسان جاهل ويمثل نفسه

    على الاقل لا يمثلني واطلب منه الا يتكلم نيابة عني

    يكفينا هذه السذاجة والحماقة اللي زرعها القذافي

    سلام

    ReplyDelete
  16. @Anonymous ... لا أحمل حقدا .. لكن هناك وجع بصورة أو بأخرى .. من ثم أنا لا أمانع النقاش معك .. وبخصوص أني لم أرد عليك في الفيس بوك فهذا لأني لا أرد على معظم الرسائل مما لا أعرفهم لا غير .

    ReplyDelete
  17. شكرا لكل من شارك بالتعليق على الموضوع .

    ReplyDelete
  18. من يقرأ كلامك يستنتج أنك تكرهين هذا الشعب
    وبخصوص ما حصل شرحت لك سابقا ، امور متراكمة كثيرة في الامور الادارية والصحية وحتى الفكرية

    ولا اعتقد في شهر او اثنين ستتغير ليبيا للافضل
    ولكن مع حكومة جادة ستتغير وبوعي اكثر

    وأنا ليبي ، اتوجع للوضع الحالي
    ولكني أتمنى الخير لبلدي التي لعب بها القذافي 42 سنة
    احيانا لا الوم الوضع واحيانا العكس

    صراحة لا احب اشكال هذه المدونات وطرق التعليق فيها
    لو هناك طرق اخرى لا مانع لدي
    تحياتي

    ReplyDelete
  19. انا ليبي اعتذر لك من كل قلبي ... للاسف الهوية الليبية واخلاقنا قد سحقت ولم يتبقي منها الا القليل
    اسف

    ReplyDelete
  20. كم اكره ما تعرضتي له من بعض الجهله والله لكم المني ان اري دماء من يدك الطاهر

    ReplyDelete
  21. http://www.youtube.com/watch?v=srlUuVVhCek
    a Libyan you are even more than the Libyan them selves :)

    ReplyDelete
  22. لو كنتي انتي اجنبيه وحاسه هكدا وتتظني انك الوحيده تتعاملي بهذا الشكل ...
    فابشرك فلستي الوحيده انا ليبي لكني لا اعتبر نفسي بواحد فهده لم تكن ولو احس انها بلدي وجاءت التوره واحسست بيها قليلا تم زال هدا الشعور مع الوقت ... وكان مجرد اوهام فبلادي ووطني ليس هنا ... وسابحت عنه وسوف اجده ... ولا تحزني ولا تجعلي روحك تتحسر على شي لم يكن لك من الاصل ههههههه

    ReplyDelete
  23. في داخل كل منا 'طائفي' صغير مهما حاول ان يتغلب عليه، ومهما حاول ان لا ينحاز.

    ReplyDelete

الفتى سيء الحظ

       حين دلف له ذه الحانة الصغيرة لم يكن يعلم أن ه سيدخل شابا في مقتبل العمر ويخرج منها كهلا مل هذه الحياة . حين سحب الباب لي...